الدور التربوي لوسائل الإعلام
في
نشر الوعي البيئي
مقدمة
تجتذب البيئية اهتمام العلماء والباحثين في التخصصات العلمية المختلفة أكثر من ذي قبل ، وأيضا اهتمام الدول والمنظمات الدولية ، فالدول تخصص من بين وزارتها وزارة لشئون البيئة، وهيئة الأمم المتحدة خصصت منظمة لشئون البيئة والمعروفة باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئية ( (U.N.E.P .
ولعل المحرك الرئيس لهذا الاهتمام من قبل الدول والمنظمات الدولية والإقليمية ، ما أكدته البحوث والدراسات في العلوم كافة عن الأضرار التي لحقت بالبيئة ، وأن جل هذه الأضرار جاءت نتيجة للسلوك الخاطئ للإنسان تجاه الطبيعية.
ومن هنا بدأ الدور التربوي في نشر الوعي البيئي بين الأفراد، بهدف تعديل السلوك والاتجاه
نحو البيئة ، والتربية هي القادرة علي إحداث هذا التغير لدي الفرد ، وتعتمد التربية في تحقي
أهداف التربية البيئية علي نتائج الدراسات البيئية في التخصصات الأخرى ، ومنها تنطلق التربية نحو تصحيح المفاهيم البيئية ، وتوجيه الأفراد نحو الحفاظ علي البيئية
ويبدأ التغيير بالوعي فالسلوك الصائب لا يخرج إلا عن وعي صائب ، أي إدراك ومعرفة بموضوع السلوك ومن ثم يبدأ الفرد في الفعل الصحيح أي السلوك الصحيح، وحيث أن موضوع السلوك يتصل بالبيئية ، يصبح الوعي وعياً بيئياً أي" مساعدة الأفراد والجماعات علي اكتساب الوعي بقضايا البيئية من جميع جوانبها والمشكلات المرتبطة بها"( جهاز شئون البيئية، 1999، ص31).
وإن كان الاهتمام بالوعي البيئي مهم في حياة المجتمعات متقد مها و ناميها ، إلا أن الحاجة لهذا الوعي لدى المجتمعات النامية تكون أشد ، لأن هناك علاقة قوية بين الوعي البيئي والتنمية الشاملة التي تسعى المجتمعات النامية إلي تحقيقها ،و تنعكس آثار الوعي البيئي علي صحة الإنسان الذي يمثل القوى البشرية التي تعتمد عليها التنمية الشاملة في تحققها ، وكذلك الحفاظ علي الموارد الطبيعية وترشيد استهلاكها والتي تؤثر بنحو مباشر علي عملية التنمية.
والتربية وهي تؤدي دورها نحو البيئية تستخدم مؤسساتها كافة في تحقيق الوعي البيئي ،ومن بين هذه المؤسسات وسائل الإعلام التي تتميز بقدرتها الفائقة علي نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، بما تملكه من تقنيات حديثة وقدرة علي الوصول إلي القطاع الأوسع من المجتمع في الوقت ذاته .
ويسعى البحث الحالي إلي التعرف علي الدور التربوي لوسائل الإعلام المصرية في نشر الوعي البيئي بين فئات المجتمع .
مشكلة البحث
علي الرغم من اهتمام الدولة بالبيئية وتخصيص وزارة لشئون البيئية ، وجهود الجمعيات الأهلية العاملة في مجال البيئة، ومراكز الدراسات البيئية التابعة للجامعات، إلا أن المشكلات البيئية تتزايد مخلفه الكثير من آثارها السلبية علي المجتمع وصحة الأفراد ، وهذه دلالة علي وجود قصور لدى المؤسسات التربوية في ممارسة دورها في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع ، وعلي الرغم من أن وسائل الإعلام كمؤسسة تربوية يمكن أن يكون لها دورها الفعال في تنمية الوعي البيئي إلا أن "عدة دراسات أوضحت أن الإعلام في الدول النامية ، ومنها الدول العربية قد أخفق إخفاقاً كبيراً نشر الوعي البيئي خاصة في المناطق الريفية"(الخويت،1996، ص144)، ومن هنا وجد الباحث ضرورة دراسة الدور التربوي للمؤسسات التربوية في نشر الوعي البيئي ، ولأن كل مؤسسة تربوية يكون لها في الغالب قطاع معين من الشعب المصري ، فالمدارس والجامعات قطاعها يتركز في طلابها ، والنقابات والأحزاب والأندية في أعضائها، وجد الباحث إن الإعلام هو المؤسسة التربوية التي تتوجه رسالتها التربوية إلي فئات الشعب كافة، وبالتالي فهي الأوسع انتشاراً والأكثر حاجة إلي دراسة دورها في نشر وتنمية الوعي البيئي .
هدف البحث
يهدف البحث التعرف علي الدور الذي يقوم به الإعلام المصري في نشر الوعي البيئي بين فئات المجتمع .
أهمية البحث
تنبع أهمية هذا البحث من
ـ أهمية الوعي البيئي للحفاظ علي الموارد الطبيعية والبشرية .
ـ دور الوعي البيئي في دعم عمليات التنمية .
ـ أهمية الإعلام كمؤسسة تربوية في نشر الوعي البيئي .
ـ إن الإعلام البيئي حق للإنسان فقد " أكد مؤتمر ستوكهلم علي حق الإنسان في الإعلام البيئي ضمن الإعلان الدولي عن حقوق الإنسان البيئية عام1973"(عبدالرحمن،1999،ص148).
منهج البحث
يستخدم الباحث المنهج الوصفي باعتباره المنهج المناسب لدراسة الظواهر وتصنيفها وتحديد دورها ، مع الاستعانة بتحليل المضمون كأداة من أدوات البحث الوصفي.
أداة البحث
يستخدم الباحث تحليل المضمون، أداة تساعده في الكشف عن ما يقدمه الإعلام المصري لنشر الوعي البيئي، ولقد" وصف الصحفي الفرنسي جاك كايزر تحليل مضمون الصحف بأنها الدراسة التي تجري لتحليل مضمون الصحيفة وتهدف إلي كشف ما تود الصحيفة توصيله إلي قرائها وإحداث تأثير معين عليهم من خلال هذه المادة"( عبد الرحمن،1983،ص86)،وهذا ما يسعى إليه البحث الحالي من كشف لما تود وسائل الإعلام توصيله للقراء، للتأثير في وعيهم بالبيئة.
عينة البحث
يقوم الباحث بتحليل مضمون عينة من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة،
كما ستوضح في الدراسة التحليلية .
الدراسات السابقة
هناك العديد من الدراسات التربوية التي تناولت البيئة ومنها
ـ دراسة : عامر يوسف الخطيب،( نموذج للتربية البيئية في الجامعات ـ دراسة حالةـ الجامعة الإسلامية بغزة).
استهدفت إبراز العلاقة بين الإنسان والبيئة ،و تنمية المصادر الطبيعية وطرق صيانتها وحسن استثمارها و أسباب تلوثها . وتوصلت الدراسة إلي بناء نموذج مقترح يربط بين الجامعة وخدمة المجتمع في مجالات البيئة، وأوصت من خلال هذا النموذج المقترح عقد الندوات والمؤتمرات العلمية لخريجي الجامعة لكي يلموا بكل ما يستحدث في مجالات تخصصهم ومعالجة المشكلات التي تواجههم وإعداد برامج بالإذاعة المسموعة والمرئية.(الخطيب،1989).
ـ دراسة : Lisa Bardwell ، Success Stories: Imagery by Example)) استهدفت الدراسة وصف نماذج لقصص نجاح أفراد عاديين في إحداث تغير بيئي
وتوصلت إلي أن هذه القصص للنجاح يمكن أن تستخدم في زيادة الوعي البيئي لدى الناس عن طريق نشرها ومنها يكتسبوا كيفية اتخاذ خطوات نحو حل مشكلاتهم البيئية ومعرفة أدوارهم في حل هذه المشكلات Bardwell; 1991))
ـ دراسة: Sharon -m Friedman، Environmental Journalism Education) (: a Growing Enterprise
تهدف الدراسة إلي تقويم دور صحافة التربية البيئية وعن طريق استبيان لعينة من القراء والمربيين وكتاب البيئة والصحفيين في مجال البيئية وتوصلت الدراسة إلي أن طلاب الشعب العلمية وطلاب شعبة الصحافة اكثر اهتماما من غيرهم بموضوعات وسائل الإعلام البيئي
و زيادة التغطية الصحفية للقضايا البيئية و وطالب المربون بأن تساعد وسائل الإعلام العامة في علي تقييم المعلومات البيئية Friedman,1994))
ـ دراسة : سمير عبد الوهاب الخويت( التربية وتحديات التنمية البيئية في دول الخليج العربية)استهدفت الدراسة تحديد بعض المفاهيم البيئية والتنموية والتعريف بالتلوث البيئي والمشكلات البيئية وواقع البيئة الخليجية ومشكلاتها والتحديات البيئية التي تواجهها، وتوصلت الدراسة إلي أن المواد النفطية تعتبر المصدر الرئيس لتلوث بيئة الخليج العربي حيث تهدد الثروة الحيوانية والنباتية ومياه الشرب وأحدث النمو الصناعي تلوثا خطيرا بالمنطقة وان المنطقة تواجه نوعا من القصور في تنمية الوعي البيئي وعدم توافر العدد الكافي من الإعلاميين البيئيين الذين بإمكانهم توصيل المعلومات البيئية بدقة علي الوجه المطلوب لعامة الناس( الخويت، 1996)
ـ دراسة: مصطفي زايد محمد( صحة البيئة في محافظتي ـ وحدة مقترحة في الدراسات الاجتماعية للصف الرابع الابتدائي ) ، تستهدف الدراسة حماية البيئة من التلوث وتوصلت إلي أن إحساس التلاميذ بالصلة بين موضوعات الوحدة وحياتهم اليومية جعلهم يقبلون علي دراستها باهتمام وأدت دراسة هذه الوحدة إلي نمو اتجاه التلاميذ نحو حماية البيئة (محمد، 1996)
ـ دراسة: محب محمود الرافعي ( فعالية الألعاب التعليمية في تنمية الوعي والسلوك البيئي لدى أطفال ما قبل المدرسة) استهدفت الدراسة تحديد القضايا المشكلات البيئية المناسبة لأطفال ما قبل المدرسة التي تتناولها الألعاب التعليمية ويمكن من خلالها تنمية الوعي والسلوك البيئي الإيجابي لديهم وتوصلت الدراسة إلي قدرة تأثير هذه الألعاب علي رفع المستوى البيئي لدى الأطفال ، و ان الألعاب التعليمية ذات فعالية كبيرة في تنمية السلوك البيئي الإيجابي لدى الأطفال ، و وعي الأطفال بخطورة المشكلات البيئية علي الإنسان والبيئة كان له أثره في السلوك البيئي الإيجابي لديهم( الرافعي، 2000)
ـ دراسة: محمد علي نصر( التربية البيئية وإعداد المعلم في عصر المعلوماتية) استهدفت الدراسة تقويم إعداد المعلم ،وتقديم تصور لرؤية مستقبلية لإعداد المعلم باستخدام التربية البيئية في ظل عصر المعلوماتية، وتوصلت إلي ضرورة زيادة التأكيد علي بعض المقررات الدراسية التي تستوعب القضايا والمشكلات البيئة والمجتمعية ، والاهتمام بإعداد وتطبيق برامج تعليمية مقترحة في مجال تنمية الوعي البيئي وخدمة المجتمع( نصر، 2000)
أسئلة البحث
ـ ما العلاقة بين التربية والبيئة ؟
ـ ما أهمية وسائل الإعلام في نشر الوعي البيئي؟
ـ ما الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام المصري في نشر الوعي البيئي؟
خطة السير في البحث
للإجابة عن أسئلة البحث ، يقدم الباحث دراسة نظرية تجيب عن السؤالين الأول والثاني ، وتوضح العلاقة بين التربية والبيئة والإعلام ، وتوضح أهمية الدور التربوي لوسائل الإعلام في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع ، ودراسة تحليلية للصحف والإذاعة والتلفاز يتعرف من خلالها علي الواقع الفعلي لوسائل الإعلام المصري في نشر الوعي البيئي وتجيب الدراسة التحليلية عن السؤال الثالث من أسئلة الدراسة.
البيئـة والتربيـة
قبل مناقشة العلاقة بين البيئة والتربية ، يود الباحث الإشارة إلي أنه لن يلجأ إلي الدراسات البيئية في تخصصاتها المختلفة إلا بهدف توظيف النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسات في تحقيق أغراض البحث، لأن " الدراسات البيئية تقتصر علي معلومات وحقائق بيئية في مجالات تخصصية مختلفة ، دون توجيه الاهتمام لتعديل أنماط السلوك " (مطاوع،1995،ص10) ، ومن ثم فإن التركيز علي الدراسات البيئة للتخصصات المختلفة الأخرى في البحث التربوي يجعله بلا هوية ، فلا يعرف القارئ لأي تخصص ينتمي هذا البحث، كما أن اهتمامات التربوي " الأساسية لا تتعلق بالكون بأسره ، أصله ومصيره ، وإنما تتعلق بهؤلاء البشر الذين نراهم أحياء يسعون في الأرض "( علي، 1995، ص14).
من الضروري عرض لبعض تعاريف البيئة بهدف التوصل إلي مفهوم التربية البيئية ، وتحديد العلاقة بين التربية والبيئة ومن هذه التعاريف للبيئة " أنها المنظمومة التي تضم كل العناصر الطبيعية و الحياتية والتي توجد حول الكرة الأرضية وعلي سطحها وفي باطنها ،والهواء ومكوناته والطاقة ومصادرها والمياه، وسطح التربة وما يعيش عليها وبداخلها من نبات وحيوان ، والإنسان بثقافاته وعلاقاته الاجتماعية "(سويلم،1999، ص15)،وبعرفها معجم العلوم الاجتماعية بأنها" العوامل الخارجية التي يستجيب لها الأفراد والمجتمع بأسره استجابة فعلية أو استجابة إجمالية مثل العوامل الجغرافية ، والمناخية كالحرارة والرطوبة ، والعوامل الثقافية التي تؤثر في حياة الفرد والمجتمع وتشكلهما وتطبعهما بطابع معين"(مدكور،1975،ص103) وتعرف أيضاً بأنها" الوسط المحيط بالإنسان ، والذي يشمل الجوانب المادية وغير المادية، البشرية وغير البشرية ، فالبيئة تعني ما هو خارج كيان الإنسان"(أرناؤوط، 1994،ص7)، ومن هذه التعاريف يمكن أن نخلص إلي: أن البيئة ذات بُعدين ، بعد قيزيقي ويشمل ما يحيط الإنسان من مظاهر طبيعية ، وبعد اجتماعي يشمل كل علاقات الإنسان وثقافاته وتفاعلاته، والعلاقة بين البُعدين نجد فيها"أن البيئة الطبيعية تمارس تأثيرها علي الظواهر الاجتماعية بشكل مباشر وغير مباشر، فإن الأساس المادي هو الذي يوجد الظواهر الاجتماعية ويضمن لها الاستمرار "(خمش،1999،ص64)، يتضح من هذا أن هناك تأثير وتأثر متبادلان بين البُعد الفيزيقي والبُعد الاجتماعي للبيئة، فالبيئة الطبيعية تؤثر علي نوعية نشاط الإنسان ، فالبيئة تحدد نوع النشاط الاقتصادي الذي يمارسه الإنسان، وكذلك علاقاته الاجتماعية ، فالترابط الاجتماعي في البيئة الريفية يقابله التباين الاجتماعي في البيئة الصناعية،والإنسان باعتباره الوحدة الأساسية للبيئة الاجتماعية يؤثر في البيئة الطبيعية كما يتأثر بها ، وهذا التأثير إما بالسلب أو الإيجاب، وثقافة إنسان العصر العلمية والتكنولوجية كان لها أثرها السلبي علي البيئة الطبيعية،"لأن الإنسان بدلا من أن يستفيد من التطور العلمي والنمو التكنولوجي لتحسين نوعية حياته وبيئته الطبيعية ، أصبح ضحية لهذا النمو الذي أفسد البيئة الطبيعية وجعلها في كثير من الأحيان غير ملائمة لحياته"(أبوسرحان،وهماش،1987،ص79) .
بالنظر إلي تعاريف البيئة وأبعادها تبرز أهمية التربية وعلاقتها بالبيئة، فالإنسان هو الذي يؤثر في البيئة ويتأثر بها ، والإنسان هو موضوع التربية ومادتها ، والتربية هي القادرة علي توجيه سلوك الإنسان واتجاهاته نحو البيئة ، وكذلك تهيئته للتكييف مع الظروف البيئة المحيطة به، واستغلال البيئة الاستغلال الأمثل ،ولهذا فأن "التربية البيئية عملية تكوين القيم والاتجاهات والمهارات والمدركات اللازمة لفهم وتقدير العلاقات المعقدة التي تربط الإنسان وحضارته بمحيطه الحيوي الفيزيائي والتدليل علي حتمية المحافظة علي المصادر البيئية الطبيعية وضرورة استغلالها الرشيد لصالح الإنسان حفاظا علي حياته الكريمة ورفعا لمستوى معيشته" مطاوع،1995،ص12)، ومما زاد من أهمية التربية البيئية في العصر الحالي ، ما لحق بالبيئة من أضرار جراء السلوك السلبي للإنسان تجاهها ، وفي مصر والدول النامية تزداد أهمية التربية البيئية ،لأن التنمية التي تسعى إليها الدول النامية ومن بينها مصر ، تُعد "المحافظة علي البيئة بُعد لازم من أبعاد هذه التنمية حيث ينبغي الربط والتنسيق بين الأهداف والاستراتيجيات التي تتعلق بالبيئة ، وتلك التي تتعلق بالتنمية فإن استراتيجيات الحفاظ علي البيئة وتحسينها وتطورها نحو الأحسن تتوافق إلي حد بعيد مع التنمية"(الحفار،1993،ص237).
التربية والبيئة والتنمية
مما تقدم تتضح العلاقة بين البيئة والتربية والتنمية ويمكن إيجازها في ما يأتي
ـ التربية تقوم ببناء البشر وهذا البناء يتطلب كشف
ودون الخوض في تفصيلات ليس لها مجال بالبحث التربوي، إنما مجالها تخصصات أخرى، فأن من أهم المشكلات البيئية التي تتولد عنها التحديات التي تواجه المجتمع تتمثل في، مشكلة التلوث للماء والهواء والتلوث السمعي والإشعاعي وما ينتج عنها من أضرار صحية تلحق بالإنسان ،وما يلحق من ضرر بالثروة الحيوانية والسمكية والنباتية التي يعتمد عليها الإنسان في حياته ، واستنزاف الموارد الطبيعية وسوء استغلالها ،وعلي سبيل المثال للمشكلات البيئية التي تواجه المجتمع المصري " أن عوامل التلوث أدت إلي تغير الخواص الطبيعية والكيميائية لمياه نهر النيل وهو شريان الحياة مما يؤثر بالتالي علي استخدامات مياهه المختلفة، وترتب علي ذلك انتشار الأمراض الخطيرة المرتبطة بتلوث المياه ، ومن أخطر هذه الأمراض الكوليرا والتيفود و التهاب الكبدي الوبائي والبلهارسيا "(شحاتة ، 2001،ص،207ـ208)،والمشكلة الأخرى التي تستحق المزيد من الاهتمام مشكلة تلوث الهواء حيث" تشير الدراسات إلي أن نسبة تلوث الهواء في مصر تزيد بمعدل حوالي 10 أضعاف الحدود القصوى المسموح بها في المناطق السكنية ، وأن تزايد نسبة ملوثات الدخان وثاني أكسيد الكبريت وما ينتج من مصادر التلوث المختلفة في طبقات الهواء السفلي قد أصبح يهدد صحة الإنسان المصري"(شحاته، 2001،ص210)،ولا يغفل جانب المشكلات البيئية العالمية التي تشترك في صنعها كل دول العالم وهي أيضا المطالبة بحلها منها " المخاطر الناجمة عن ثقب الأوزون والتي تتمثل في زيادة تتراوح بين 5% إلي 20% من الأشعة فوق البنفسجية الواصلة إلي المناطق السكنية خلال الأربعين سنة القادمة ، والمعروف أن تلك الأشعة فوق البنفسجية التي تنبعث من الشمس تلحق الضرر بالبشر والحيوانات والنباتات" (عبد الجواد ، 1995، ص 23: 31) ، ومن خلال هذا العرض للمشكلات، لابد من إعادة النظر في العلاقة بين الإنسان والبيئة ، ويجب أن يتبنى الإنسان قيما بيئية جديدة. (شلبي،1984، ص 5)، وأنه ليس من بديل للتربية، لتحقيق هذه الرؤية ، وبناء القيم البيئية الجديدة ، و إعداد الإنسان القادر علي مواجهة هذه التحديات ، وحل المشكلات البيئية ، وليس علي التربية مواجهة التأثيرات والتحديات فحسب، إنما عليها أن تستشرف التأثيرات التي يمكن أن تنجم عن المستحدثات التكنولوجية ، ولا تدع تأثيراتها حتى تحدث ، بل تعمل علي تجنبها قبل حدوثها ، وتعمل علي حماية البيئة من أخطار التغيير التكنولوجي المتسارع، والتربية في سعيها نحو الحفاظ علي البيئة ، والتصدي لمشكلاتها لا يتأتى لها النجاح إلا عن طريق الوعي البيئي الذي تنشره بين أفراد المجتمع ، وعن طريق هذا الوعي يكتسب الفرد المعلومات والحقائق عن البيئة، وعن المشكلات البيئية ، ويتكون لديه الشعور بخطورة هذه المشكلات ، ثم يبدأ في ممارسة السلوك الإيجابي نحو البيئة ، والمشاركة في حل المشكلات ، ومن غير الممكن للتربية أن تواجه هذه التحديات ، أو تنجح في حل المشكلات البيئية دون تعبئة واستخدام إمكانيات المؤسسات التربوية كافة، ووسائل الإعلام من بين هذه المؤسسات التربوية التي لها القدرة علي تأدية دوراً تربوياً في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع .
الإعــلام ونشــر الوعــي البيئــي
يحتل الإعلام مكانة هامة لدى المجتمعات اليوم، لأنه بفضل ما يمتلكه من تقنيات حديثة ، وقدرة واسعة علي الانتشار بين فئات المجتمع بمختلف مستوياتها الثقافية والفكرية والاجتماعية، أصبح الأداة المناسبة لتوجيه المجتمع ونقل المعرفة ، وأن كان الإعلام والاتصال ليس نشاطاً حديثاً " فالاتصال هو النشاط الأساسي للإنسان ومعظم ما نقوم به حياتنا اليومية أن هو إلا مظاهر مختلفة لما نعنيه بالاتصال الذي يحدد بدوره معلم الشخصية الإنسانية ، من خلال ممارستها الاتصالية"( شرف،1989،ص16)، ولكن المقصود هنا هو ذلك التقدم الذي شهدته وسائل الإعلام والاتصال في العصر الحالي ، مما زاد من أهميتها ، ودورها في حياة المجتمعات، بل أصبح لهذه الوسائل قدرة السيطرة علي الأفراد والتأثير فيهم ، وبخاصة في القضايا المهمة ، وخلق رأي عام حولها ، ومن ثم فأنه في ما يختص بقضايا البيئة فأن"المهمة التي يمكن أن تضطلع بها وسائل الإعلام هي تحريك الاهتمام الجماهيري بجرائم البيئة وبلورة رأي عام قادر علي التصدي لها"(عبد النبي ، 1992،ص31)، فوسائل الإعلام من اكثر المؤسسات التربوية قدرة علي نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع.
الأهمية التربوية لوسائل الإعلام
التعرف علي أهمية وسائل الإعلام وخصائصها يكشف عن أهمية دورها التربوي ،"فالإعلام هو المحرك والمعبر عن مقومات النشاط الاجتماعي ، وهو الذي يعلو بالإنسان عن غريزته إلي المطامح الحضارية ، وهو المنبع المشترك الذي ينهل منه هذا الإنسان الآراء والأفكار ، وهو الرابط بين الأفراد ، والموحي إليهم بشعور الانتساب إلي مجتمع واحد ، وهو الوسيلة لتحويل الأفكار إلي أعمال"( المصمودي، 1985،ص 194) وهذا النشاط من نقل معرفي وتحويل المعرفة إلي سلوك ، ما هو إلا عمل التربية ، من ثم يمكن للإعلام أن يشارك مشاركة فعالة في نقل مفاهيم الوعي البيئي إلي الأفراد ، وينمي بينهم الشعور بأهمية الحفاظ علي البيئة التي يشتركون في العيش فيها ،خاصة وأنه " من المعروف أن دور الإعلام ، مشارك أساسي في عملية التربية والتنشئة ، بل أصبح معروفا أن تأثير الإعلام قد يفوق تأثير المدرسة بحكم عوامل كثيرة " (علي،1995،ص36) ومن هذه العوامل أن للكل وسيلة من وسائل الإعلام ما تتميز به من خصائص تختلف عن الأخرى مما يجعل لها أهميتها في الدور التربوي للإعلام ، و يمكنها من مخاطبة شريحة ما من شرائح المجتمع بشكل أفضل من غيرها ، ولهذا فأن نشر الوعي البيئي يحتاج إلي الوسائل المسموعة والمرئية والمقروءة ليصل إلي قطاعات المجتمع كافة، " فنظرا لارتفاع نسبة الأمية في المجتمع تصبح للإذاعة أهميتها كوسيلة للتثقيف وجعلها تتميز عن غيرها من أجهزة الثقافة الأخرى، لأن الاستماع إلي الكلمة المنطوقة من الراديو لا يحتاج إلي معرفة بأصول القراءة والكتابة كما هو الحال بالنسبة للصحيفة "(جاد،1983، ص17)، وأن كانت فئات المجتمع جميعها في حاجة إلي التوعية البيئية ، فإن الفئة غير المتعلمة تكون من أشد الفئات حاجة إلي هذه التوعية، وأيضاً ما تشير إليه الدراسات من انتشار " أجهزة الاستقبال الإذاعي في العالم والذي كان يوجد به عام 1969حوالي 653مليون جهاز راديو لاستقبال البرامج الإذاعية ، تشير التقديرات الحديثة أن عدد أجهزة الاستقبال الإذاعي في العالم تبلغ مليارا ومائتين واثنين مليون وثلاثمائة وستة عشر ألف وثلاثمائة وستة وثلاثين جهازاً"(العبد، 1997،ص163)، وذلك الانتشار يزيد من أهمية الوسائل المسموعة في نشر الوعي البيئي، ، وفي مجال الإعلام المرئي يصبح للتلفاز أهميته في مجال التوعية البيئية ، وذلك لانتشار أجهزة التلفاز كما ا، " التلفاز أكتسب ميزة الصدق لاعتماده علي الصورة التي تتميز عن الكلمة المسموعة بأنها وسيلة إقناعية تضفي الصدق"(العبد،1997،ص175)، أما الصحيفة " كونها رسالة تستهدف خدمة المجتمع والإنسان الذي يعيش فيه، وهي بهذا المعنى متصلة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع الذي تصدر به الصـحيفة"(أبوزيد،1998،ص48) ، ومن ثم تصبح من بين أهدافها في مجال خدمة المجتمع والفرد التوعية بالبيئة ومشكلاتها . مما تقدم يتضح أن وسائل الإعلام مؤسسة تربوية ، وتمتلك القدرة علي القيام بدورها التربوي في نشر الوعي البيئي، وكان هذا وراء ظهور الإعلام البيئي كنتيجة لتفاعل وسائل الإعلام مع الإجراءات التي اتخذتها الدول والمنظمات العالمية والإقليمية بشأن مشكلات البيئة .
الدراسة التحليلية
تهدف الدراسة التحليلية إلي التحقق مما تقدمه وسائل الإعلام المصرية ، ويؤثر في رفع مستوى الوعي البيئي لدى فئات المجتمع المختلفة ، حيث يرى (كرلينجر) " أن تحليل المحتوى هو طريقة ملاحظة ، بل إنه البديل للملاحظة المباشرة أو المقابلة أو سؤال الناس ليستجيبوا للمقياس ، حيث يقوم المحلل بتحليل نتاج ما توصل إليه الآخرين ويتساءل عنه"(Budd,1971,p2).
عينة الدراسة
صحيفة الأهرام
صحيفة الوفد
البرنامج العام بالإذاعة
القناة الأولي بالتلفاز
وقد تم اختيار العينة للأسباب الآتية
تعد صحيفة الأهرام من أقدم الصحف المصرية التي مازالت تصدر ، كما أنها من حيث عدد الصفحات فهي أكثر الصحف عدداً ، أما جريدة الوفد فهي صحيفة المعارضة التي تصدر يوميا، واختيار البرنامج العام بالإذاعة والقناة الأولي بالتلفاز لأن كلا منهما أقدم شبكة في مجاله، وهما يقدمان أطول فترة بث إذاعي وتلفازي.
الفترة الزمنية
من منتصف شهر أبريل 2002إلي نهاية الشهر، أي بواقع ستة عشر يوماً، وليست هناك أسباب محددة لاختيار الفترة الزمنية ، لأن المشكلات البيئية ليست موسمية حتى يتم الاهتمام بها في فترة دون غيرها ، بل ينبغي أن يكون الاهتمام بها مستمراً، فأي فترة يتم اختيارها، وأي مدة زمنية تكون ممثلة لعطاء وسائل الإعلام تجاه البيئة ومشكلاتها.
وحدات التحليل
لابد للمحلل أن يحدد وحدات التحليل التي سوف يقوم بالتحليل بناء عليها، وتتعدد وحدات
التحليل، ويتم اختيار الوحدة المناسبة لتحقيق أهداف البحث ، والباحث في هذا البحث يستخدم وحدة : الموضوع ،"هي عبارة عن فكرة تدور حول مسألة معينة، وهي من أهم وحدات التحليل في تحليل المضمون ،لأنها تكشف عن الآراء والاتجاهات الرئيسة في مادة الاتصال"(عبدالرحمن،1983،ص23)، ويستخدمها الباحث بهدف الكشف عن محتوي ما تقدمه وسائل الإعلام من مادة صحفية أو إذاعية أو تلفازية حول الوعي البيئي .
فئات التحليل
يستخدم الباحث فئة التحليل ما قيل؟ و لا يتوقف عند العد الإحصائي فحسب ، بل يتطرق إلي الجانب الكيفي لبعض الأمثلة والنماذج من مادة التحليل ، أما قائمة الفئات أعتمد الباحث في وضعها علي ما جاء بمرجع رئاسة الوزراء حول دور الإعلام البيئي(راجع،جهاز شئون البيئة،1999).
جدول رقم (1)
قائمة فئات التحليل
الفـئــة
توضيحها
المعرفة البيئية
المشاكل البيئية
القيم البيئية
التشريعات البيئية
جرائم البيئة
تشمل علي معلومات وحقائق عن البيئة بكل أبعادها
تشتمل علي مشكلات التلوث ،والمخاطر الصحية، والإضرار بالبيئة الطبيعية، و سوء استغلال الموارد الطبيعية ، والحلول المطروحة للمشكلات
وتتضمن كل قيم الجمال والحفاظ علي البيئة، كالعناية بالنبات والرفق بالحيوان، وصون البيئة الطبيعية، وترشيد الاستهلاك للموارد الطبيعية
قوانين حماية البيئة، وقرارات الإدارات المحلية لحماية البيئة
تشمل تجريف التربة الزراعية ،وصيد الأسماك الصغيرة ، وإلقاء مخلفات المصانع وغيرها في مياه الأنهار والبحار ، دفن النفايات الذرية
إجراءات التحليل:-
قام الباحث بتسجيل الإرسال الإذاعي والتلفازي علي شرائط ، يقوم بتفريغها ، وفقا للفئات المحددة ، وبعض تحليل الباحث لأربعة أيام من المادة المذاعة بالإذاعة والتلفاز، وعدد ثماني
صحف أربع من صحيفة الأهرام وأربع من صحيفة الوفد ، وتمثل هذه الكميات 25% من مجمل العينة الكلية قام محلل أخر* بتحليل ذات الجزء من العينة للتأكد من ثبات فئات التحليل وبتطبيق المعادلة : (المفتي، 1986، ص62)
نسبة الاتفاق = _عدد مرات الاتفاق ____________ × 100
عدد مرات الاتفاق + عدد مرات الاختلاف
نسبة الاتفاق =__32______× 100=88,89%
32+ 4
وهذه الدلالة تعني ارتفاع نسبة الثبات ، أي أن الفئات المحددة صالحة لإجراء التحليل
ثم قام الباحث بتحليل العينة الكلية وقام المحلل الأخر بالتحليل للتأكد من ثبات التحليل عن طريق الاتساق بين المحللين وبتطبيق المعادلة
كانت نسبة الثبات = __130_______× 100= 94,2%
130+ 8
نتائج الدراسة التحليلية
جدول رقم (2)
نتائج تحليل العينة
الفئة
الأهرام
الوفد
البرنامج العام
القناة الأولي
العينة الكلية
الترتيب
التكرار
الوزن النسبي
التكرار
الوزن النسبي
التكرار
الوزن النسبي
التكرار
الوزن النسبي
التكرار
الوزن النسبي
المعرفة البيئية
6
11,32
1
2,78
6
17,14
2
14,29
15
10,87
4
المشاكل البيئية
9
16,98
7
19,44
5
14,29
4
28,57
25
18,12
2
القيم والاتجاهات البيئية
26
49,06
10
27,78
13
37.14
5
35,71
54
39,13
1
التشريعات البيئية
5
9,43
6
16,67
5
14,29
3
21,43
19
13,77
3
جرائم البيئة
7
13,21
12
33,33
6
17,14
ـ
ـ
25
18,12
2
فئات أخرى
ــ
ـ
ــ
ــ
ـ
ـ
ـ
ـ
إجمالي
53
100
36
100
35
100
14
100
138
تفسير النتائج
أن الأرقام التي يوضحها جدول (2) لا تعبر سوى عن نسب مرات ظهور الفئة في كل وسيلة إعلامية من الوسائل عينة الدراسة ، وهذا لا يكفي لرصد ظاهرة الإعلام البيئي ، ومن ثم هناك بعض الملاحظات علي المادة المحللة تعطي مؤشرات عن موقف الإعلام المصري من قضايا التربية:-
إذا كان مكان النشر في الصحيفة مؤشرا لدرجة الاهتمام بالموضوع المنشور ، وأن كانت الصفحة الأولي والصفحة الأخيرة أهم الصفحات وأسهلها قراءة ، فإن في الأعداد التي تم تحليلها والبالغ عددها 32 صحيفة لم تظهر موضوعات البيئة سوى مرة في الصفحة الأولي لصحيفة الأهرام في شكل خبر ، ومرة في صحيفة الوفد في شكل إشارة لموضوع داخلي، واحتلت موضوعات البيئية الصفحات الداخلية في الصحيفتين0
أفردت صحيفة الأهرام صفحة واحدة للبيئة من كل أسبوع
معظم جرائم البيئة التي كشف عنها التحليل جاءت من بريد القراء في صحيفة الأهرام ، وصفحة حق الرد ، وخارج حدود القاهرة في صحيفة الوفد ، أي أن غالبتها من شكاوى القراء وردود المسئول عليها لا جهد من الإعلاميين
لم يوجد برنامج متخصص في البيئة في القناة الأولي بالتلفاز ، والبرنامج العام بالإذاعة يقدم برنامجين يتضمنا بعض القضايا البيئية ، والملاحظ عدم التركيز علي قضايا البيئة في برامج الأطفال في الإذاعة والتلفاز رغم أهمية ذلك في إكساب الأطفال للوعي البيئي
لو دققنا في المساحة التي تحتلها الموضوعات البيئية في وسائل الإعلام ، يتضح ضآلة المساحة بالمقارنة لموضوعات أخري مثل الرياضة والفن ،في الصحف فلا تتعدى المساحة التي تحتلها موضوعات البيئة في صحيفة الأهرام 1,47% تقريبا ، وفي صحيفة الوفد 5,% تقريبا وبوحدة الزمن في التلفاز ,75%تقريبا وفي الإذاعة 1,4% تقريبا
ومن جدول (2) يتضح :ـ
ــ أن القيم والاتجاهات البيئية احتلت الترتيب الأول بوزن نسبي 39,13 ، وارتفاع نسبتها وحصولها علي الترتيب الأول جاء نتيجة الاهتمام بموضوعات ترشيد الاستهلاك للموارد الطبيعية ، والذي يمثل جزء من سياسة الترشيد العام التي تتبعها الدولة نظرا للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ولكن يلاحظ من عدد مرات ظهور القيم و الاتجاهات البيئية ، أن ما تناله من اهتمام من وسائل الإعلام ضئيل للغاية ، تكرار الظهور 54 مرة في أربع وسائل للإعلام خلال فترة 16 يوم ، أي تظهر بمعدل يقل عن 1,
ــ تحتل الترتيب الثاني فئتي المشكلات البيئية و جرائم البيئة ، بوزن نسبي 18,12، وفي الواقع هي لم تظهر في الوسائل التي خضعت للتحليل سوى 25 مرة خلال فترة التحليل ، وهذا الظهور كان مجرد أن تتناول بعض البرامج العلمية ، والصحية مشكلات البيئة وتأثيرها علي صحة الفرد هذا بالنسبة للوسائل المسموعة والمرئية ، أما الوسائل المقروءة فهي تتناول المشكلات عن طريق بريد القراء ولا تجد تحقيقات صحفية أو ندوات في الصحف حول هذه المشكلات ، وفي الأغلب تأتي في شكل خبر . أما جرائم البيئية من تجريف تربة وخرق للتشريعات واعتداء علي المجاري المائية ونهر النيل بصفة خاصة ،لا نجد لها تناول في الوسائل المرئية ، وتناول ضئيل في الوسائل المسموعة وهو في الأغلب من شكاوى المستمعين ، أما في الصحف ، وبخاصة صحيفة الوفد المعارضة ترتفع نسبة ظهور جرائم البيئة
ـ وجاءت فئة تشريعات البيئة في الترتيب الثالث بين فئات التحليل بوزن نسبي 13,77، وواقع التحليل يشهد بأن الأمر لم يتعدى سوى ذكر لبعض القوانين ولم يتناول العرض الأهداف والضرورة من وراء إصدار هذه القوانين ولا كيفية احترامها من قبل الأفراد والالتزام بها
ـ والترتيب الرابع والأخير احتلته فئة المعرفة البيئية بوزن نسبي 10,87، وهذا الترتيب للمعرفة البيئية يؤكد أنه ليس هناك إعلام بيئي ، إنما كلها محاولات عشوائية غير مخطط لها ، وأن وسائل الإعلام تتعامل مع قضايا البيئة كأخبار وليس كقضايا تمس المجتمع المصري ، بل وتمثل عائقا لنموه وتقدمه ، وربما ما سبق الإشارة إليه عن المساحة التي تحتلها البيئة بقضاياها ومشكلاتها في وسائل الإعلام المصرية ، أكدته هذه النتيجة ، لأنه لو كان هناك اهتمام بإعلام بيئي لكانت المعرفة البيئية هي الأساس الذي ينطلق منه الإعلام نحو التثقيف البيئي ، لأن الفرد كي يعي المشكلات والقضايا البيئية ، لابد أن يكون له دراية كاملة بالبيئة ومكوناتها ، وحتى هذه المعلومات المعرفية التي وردت في وسائل الإعلام عينة الدراسة كانت سطحية وهامشية كما سيوضحها التحليل الكيفي لنماذج من المادة المحللة .
التحليل الكيفي
لتوضيح صورة ما احتوته وسائل الإعلام في المادة المحللة بنحو لا توضحه الأرقام الإحصائية الواردة في الجدول السابق ، سوف يقوم الباحث بتحليل كيفي لبعض أمثلة من المادة الإعلامية المحللة .
المعرفة البيئية
بالنسبة للجانب المعرفي والذي يعد من أهم جوانب العملية التربوية في بناء وعي بيئي ، أوضح الجدول محدودية ظهورها في العينة ، وأيضا يؤكد التحليل الكيفي علي أنها جاءت معلومات شبه مدرسية ، غير مشوقة ولا معروضة بشكل يجذب اهتمام القارئ أو المستمع أو المشاهد، من أمثلتها( تنتج التغييرات في الضغط الجوي أساسا عن التغييرات في كم الحرارة) ، و( هيا بسرعة قرص الشمس يختفي ) ، ( تعرف الرياح بأنها أجزاء من الغلاف الغازي للأرض تتحرك حركة مستقلة….) تتكرر العبارات المماثلة لهذه العبارات ، ولا يمكن أن تؤدي دورها في صقل المعلومات البيئية لدى الفرد مما يساعده علي اكتساب معرفة تسهم في فهمه للمشكلات البيئية ، ثم العمل علي حلها .
المشكلات البيئية
أما المشكلات البيئة جاءت علي شكل صرخات استنجاد مما تتعرض له البيئية ، مثال ( تلال من القمامة والمخلفات في المنطقة مما يساعد علي انتشار الحشرات والزواحف الناقلة للأمراض والأوبئة)، و(نحن سكان العقار.. بمنطقة … شكونا للمسئولين بالحي من التلوث الذي تسببه لنا الورش الموجودة في وسط المنطقة السكنية، والسيد المسئول ليس له سوى رد واحد ، بنبحث الموضوع وها نعمل لهم محاضر) ،و (اكتشاف سحابة دخان سوداء في سماء حي مصر الجديدة وطريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوي)، المشكلات البيئية التي تعرض من أجل نشر الوعي البيئي ينبغي أن تتناول مشكلة من المشكلات وتقوم بعرضها بكل أبعادها ومسبباتها وشرح كيفية الحل لها ، أما الأمثلة السابق عرضها لا يمكن لها أن تحقق ذلك.
القيم والاتجاهات البيئية
أما القيم والاتجاهات كان أبرزها الاتجاه نحو الترشيد وحسن الاستغلال للموارد الطبيعية من أمثلة ما جاء عنه بالمادة المحللة ( التقى اليوم وزير الدولة لشئون البيئية مع ممثلي إدارة العلوم والتكنولوجيا في مقاطعة سيشوان وتم الاتفاق بين الطرفين علي إنشاء مصنعين لتدوير المخلفات الزراعية ، الأول لتصنيع مواد للبناء من قش الأرز والثاني لتحويل قش الأرز إلي طاقة تستخدم في الطهي بالقرى) تظهر غالبية الموضوعات المتصلة بترشيد الاستهلاك والاستغلال الجيد للموارد الطبيعية علي هذا الشكل الخبري ، وأثر ذلك في توعية الأفراد يكون محدود للغاية .
جرائم البيئة
ما عرض من جرائم بيئية في عينة الدراسة يؤكد ما ذهب إليه الباحث في تحديد مشكلة البحث بالقول: أن المشكلات البيئية تتزايد مخلفه الكثير من آثارها السلبية علي المجتمع وصحة الأفراد ، وهذه دلالة علي وجود قصور لدى المؤسسات التربوية في ممارسة دورها في نشر الوعي البيئي بين أفراد المجتمع ، فما عرض يكشف أن الأجهزة المنوطة بحماية البيئة مفتقدة للوعي البيئي، علي سبيل المثال( أصيبت بصدمة عندما لاحظت أن الوزارة العريقة تقوم بردم جزء من مجرى النهر لتصنع جزيرة صناعية ….، ,أن هذا الاعتداء علي مجرى النهر يتم في موقع لا يبتعد كثيرا عن وزارة البيئة) هذه الوزارة هي وزارة الري المسئول الأول عن حماية النهر وهذا يؤكد أن القصور في الوعي البيئي يشمل أيضا الوزارات المسئولة كوزارة الري وصمت وزارة البيئة كما يبدو فيما نقل من المادة المحللة ، وواضح أن المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للفرد لا أثر له في درجة الوعي البيئي وندلل علي ذلك بالمثال المأخوذ من المادة المحللة والذي نستشف منه ارتفاع المستوى الاقتصادي والاجتماعي لمرتكبي الجريمة البيئية ( سيدتان تمتلكان فيلاتين مقامتين علي أراضي طرح النهر عند الكيلو 13 طريق مصر /أسيوط قامتا بردم مساحة جديدة من مياه النهر لا تقل عن 15 ألف متر ، ولم تتحرك جهة مسئولة عن حماية النهر )
نتائج البحث:-
من الإطار النظري والدراسة التحليلية توصل الباحث إلي النتائج الآتية:-
ـ العلاقة بين الإعلام والتربية والبيئة علاقة ذات طابع خاص، إذ أنه لا يمكن تحقيق المحافظة علي البيئية ولا ترشيد استهلاك مواردها ، و المساهمة الفعالة في حل مشكلاتها ، إلا عن طريقة تربية سليمة ، وغرس وعي بيئي في عقول ونفوس الأفراد وتكوين اتجاهات صحيحة نحو البيئة ، ومن مؤسسات التربية التي يمكن أن تسهم في تحقيق هذه التربية البيئية وتشكيل هذا الوعي البيئي وسائل الإعلام .
ـ ما يمتلكه الإعلام من تقنيات وقدرة علي الانتشار بين فئات المجتمع ، يجعله المؤسسة التربوية التي يمكن أن تسهم بقدر أكبر في تنمية الوعي البيئي لأفراد المجتمع.
ـ ما كشف عنه التحليل الكيفي لنماذج من المادة المحللة ( عينة البحث) يدل علي تدني مستوى الوعي البيئي لدى الفئات المختلفة للمجتمع
ـ ويكشف أيضا عن عدم وجود علاقة قوية بين المستوي الاجتماعي والاقتصادي والوعي البيئي
ـ وما أسفر عنه هذا التحليل الكيفي أن المسئولين بالوزارات المعنية بتطبيق التشريعات البيئية يفتقدون للوعي البيئي
ـ الإعلام المصري لا يؤدي دوره التربوي في نشر الوعي البيئي علي الوجه الأكمل ،ويتضح ذلك من :-
أ ـ المساحة التي تحتلها القضايا البيئية في وسائل الإعلام المقروءة ضئيلة للغاية، وكذلك المدة الزمنية في الإعلام المسموع والمرئي، ولا تتناسب مع حجم المشكلات البيئية التي يتعرض لها المجتمع المصري
ب ـ عدم اهتمام وسائل الإعلام بنشر المعلومات البيئية التي تمثل العنصر الرئيس في تشكيل الوعي البيئي والتي أوضحت المعالجة الإحصائية لعينة الدراسة ضآلة نسبتها
جـ ـ التناول السطحي للمشكلات والجرائم البيئية في وسائل الإعلام ، مما لا يمكن أن يشكل وعي لدى أفراد المجتمع بهذه المشكلات ، ومن ثم لا يولد اتجاه نحو المشاركة في حلها.
د ـ التركيز عل الشكل الخبري في ما يتصل بالبيئة ، وهذا لا يسهم في بناء وعي
التوصيات:-
في ضوء ما أسفرت عنه النتائج يوصي البحث بما يأتي:-
أولا: لتفعيل الدور التربوي للإعلام في نشر الوعي البيئي تتخذ الإجراءات الآتية:-
وضع خطة إعلامية تسعي لتحقيق نشر الوعي البيئي
ومن الأهداف المقترحة للخطة الإعلامية :-
ـ إكساب الأفراد معلومات عن البيئة المحيطة بهم بأبعادها المختلفة
ـ تكوين اتجاه لدى الأفراد نحو المشاركة الإيجابية في حل مشكلات البيئة
ـ غرس القيم البيئية التربوية في عقول ونفوس أفراد المجتمع ، والتي تسهم في المشاركة الفعالة في الحفاظ علي البيئة ، وترشيد استهلاك مواردها
ـ تشجيع أصحاب الأفكار والتجارب الناجحة في حل المشكلات البيئية
ـ تكوين اتجاه نحو احترام التشريعات البيئية والالتزام بتطبيقها
ـ توعية الأفراد بأخطار الجرائم البيئية ، وأثر ذلك علي التنمية الشاملة
لتحقيق أهداف الخطة يتم الآتي :-
ـ إعداد الإعلاميين البيئيين المؤهلين للعمل مع قطاعات البيئة المختلفة
ـ التنسيق بين كافة الوسائل المملوكة للدولة و الأحزاب والأفراد والهيئات لتحقيق أهداف الخطة
ـ عند التنفيذ يجب مراعاة أن الخطة موجهة لفئات المجتمع كافة ، مما يستلزم اتخاذ التدابير اللازمة لمخاطبة كافة المستويات التعليمية والثقافية في المجتمع
ثانيا : أن تقوم المؤسسات التربوية المختلفة بدورها في نشر الوعي البيئي لتسهم في دعم وتفعيل دور وسائل الإعلام ، وذلك عن طريق :-
ـ أن تقوم المؤسسات التربوية التعليمية بتضمين التربية البيئية في مناهجها وبخاصة في الأنشطة
ـ تؤدي المؤسسات التربوية الدينية ( المسجد والكنيسة) دورها التربوي في تكوين الاتجاه الإيجابي لدى الأفراد نحو البيئية
ـ أن تتضمن برامج الأحزاب نشر الوعي البيئي بين المواطنين
ـ تدعيم الدور التربوي للأندية ومراكز الشباب ومراكز الثقافة الجماهيرية في مجال البيئة
ثالثا : تقوم الدولة ممثلة في وزارة شئون البيئة ومجالسها المتخصصة بدعم الجمعيات الأهلية العاملة في مجال البيئة والمحافظة علي صحة الإنسان المصري
رابعا : تشجيع البحوث والدراسات البيئية ، ومراكز الدراسات البيئية
المراجــــــــــع
association for education in journalism and mass communication august 10- 13 ;1994 . u.s.; pennsylvania