هاهي قصيدة مرايا الشفاه من إبداعات شاعر الونشريس عبد القادر مكاريا اخترناها لكم من مجموعته الشعرية الرائعة
تعلّّـمـتُ أن أستـعـدّ لـكـلّ اِحتـمـال
أظـــنّ الـجـنــوب سيحـمـلـنـي
للسّـحـاب الــذي ســوف ينثـرنـي
بــيــن جـــــذر الـنّـخـيــل
سـأحـمــل لـلـقـلـب تـمْـراتــه
أُنـاور حتـى أمكّـن لـي بيـن مائـيـن
أيّمـا اِمـرأة تتعـرّى لتسـبـح بينهـمـا
تخيّـرنـي بـيـن مـــاء الـرّكــود
و مــــاء الـعـبــور الـجـمـيـل
أنـا توأمهـا هــذه الـمـدن الحـائـره
لـم أجئهـا علـى أمـل المـوت فيـهـا
و لا أمــــــل الإنــكــفـــاء
كلّمـا حاصرتنـي التجاعيـد و العـمـر
ألــــجــــأ لــلــصّــمــت
أهــرب مــن لـجــج الكـلـمـات
الــــى عـتـبــات الــسّـــؤال
و هـمــس الــفــراغ الـثّـقـيـل
تـعـلّـمـت حــتــى تـعـلّـمــت
هـل كلّمـا فاجأتنـي القصيـدة أبُـهـت
طـفـلا تكـشّـف قـدرتـه للـوقـوف
و شـــارف قـدرتــه لـلـوصـول
و هــل كلّـمـا راودتـنـي القصـيـدة
أحـمــلــنــي كـالــفــراشــة
لـلـمـصـابـيــح أبّــــهــــة ٌ
لــيــس يــــدرك طـغـيـانـهـا
غـــيـــر روح الــضــريـــر
و روح الـــقــــتــــيــــل
ســـأكــــون الــنــبـــيّ إذا
أفــسّــر مـــــا لا يُـفــسّــر
أدعــــــــو لـمـمــلــكــة
تترصّع تيجان سلطانها بالقصائد و المستحيل
و تــكــون الـنّـســاء بــهـــا
شمـعـدان الخطـايـا , , و سـاريــة ً
ســعـــفـــا لـلـنّــخــيــل
و يكـون لهـا كـل بـاب إلـى جـهـة
و بـــوّابــــة لــلــسّــمــاء
بابها للشّمال تُسَرّبُ منه العذارى لعرسانهـا
بابهـا للجنـوب يـمـرّ بــه الشّـعـر
و لــلــغـــرب عـشّــاقــهــا
وبــوّابــة الـغـيــم لـلـشّـعـراء
كـان لابـد مـن كـلّ هـذا الـصّـراخ
لـنـفـهـم صــمــت الـقـصـيـدة
نتركـهـا تتـزيّـن فـــي صمـتـهـا
لـلــطّــريــق الــطــويـــل
كـــــان لابـــــدّ لــــــي
أن أصـافــحَ سـيّــدة الـحـســن
أتـــــرك كــفـــي لــهـــا
ثـــمّ أعـبــر فـــي الــرّمــل
أزرع بيـن الأنامـل مـن دفئهـا برزخـا
أستحـمّ بمـا تتـكـرّم مــن ضوئـهـا
أتـعـلّـق بالـحـلـم و الـصّـمــت
ثــــــــمّ أقـــــــــول :
"مـن يفسّـر حـرب البسـوس يسـوس
من يعلّـم أطفالنـا آيـة الغُبـن و الجبـن
يـهـضــم كــــلّ الـــــدّروس
يـزرع الخـوف فـي رحـم الأمّـهـات
يضاجـع فـي كـلّ عــرس عــروس
من يعلّقنا بين شرنقـة الجـوع و الصّبـر
يجعل رغبتنا في العبور إلى وطـن ٍ آخـر
أمــــلا فـــــي الـنّــفــوس
سـنـبـايـع نـطـفـتـه بــعـــده
و نثبّـت صورتـه بيـن كـل الطقـوس "
تعلّـمـت أن أستـعـدّ لـكـلّ نـفــق ْ
قـبــل أن نـلـتـقـي , نـفـتــرق ْ
كـان ثمّـة مـا يجعـل العمـر أحـلـى
يــــــــوم كــــنـــــت ِ
كان ثمّـة مـا يجعـل الإنتظـار مبايعـة ً
و الـشّـوق مــن شوقـنـا يحـتـرق
كان ثمّة ما يمنح العشـق ظـلّ التّفاسيـر
ما يغرس العـزم فـي صدرنـا و القلـق
كــان ثـمّــة أشـيــاء أذكـرهــا
فتُحـمّـلـنـي مــــا لا أطــيــق
و تـتــركــنــي لــلــطـــرق
قـــــــــد كــــبـــــرتُ
و صار الحنيـن إلـى الأمـس يجرحنـي
كـلّـمــا مــــرّت الـذّكـريــات
عــلــى صــــدري المـنـغـلـق
أنــــت ســيّـــدة الـحــســن
لا شـيــىء يدفـعـنـي لــلــوراء
ســـــوى أن أراك كــدالــيــة
تـدنـدن لـحـن حكايتـنـا للـغـسـق
مــر بــي العـمـر حـتـى هـنــا
و تعلّـمـت أن أستـعـدّ لـكـلّ نـفـق
ليـس يكفـي الحنـيـن إلــى الـرّمـل
يلـزمـنـا لــوُلــوج الـحـقـائـق
أنْ نـتـحـاور فــــي صـمـتـنـا
و نـحــاور صـمــت الــرّمــال
لم يعد للجنوب اِستطاعة جعلي أحـنّ لـه
حـمـلـتــنــي الــغـــيـــوم
إلـى أبـعـد مـمّـا يجـيـز المـجـال
قـــــــــد كــــبـــــرتُ
و حالـفـنـي الـحــظّّ أن ألتـقـيـك
تـمـرّيــن فــــي راحــتـــي
و أبـقـى ألــوك بقـايـا الـسّــؤال